سورة المائدة - تفسير أيسر التفاسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المائدة)


        


{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13)}
{مِّيثَاقَهُمْ} {لَعنَّاهُمْ} {قَاسِيَةً} {خَآئِنَةٍ}
(13)- فَبِسَبَبَ نَقْضِهِم المِيثَاقَ الذِي أخَذَهُ اللهُ عَلَيْهِمْ (وَمِنْهُ الإِيمَانُ بِكُلِّ نَبِيٍّ يُرْسِلُهُ اللهُ، وَنَصْرُهُ وَتَبْجيلُهُ) اسْتَحَقُّوا مَقْتَ اللهِ وَغَضَبَهُ، حَتَّى قَتَلُوا الأنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَافْتَرَوا عَلَى مَرْيَمَ، وَأَسَاؤُوا إلى عِيسَى، الذِي جَاءَ لإِصْلاحِ مَا فَسَدَ مِنْ عَقَائِدِهِمِ وَأخْلاقِهِمْ، وَحَاوَلُوا قَتْلَهُ، فَبِسَبَبِ جَمِيعِ مَا اقْتَرَفُوهُ مِنْ عَقَائِدِهِمِ وَأخْلاقِهِمْ، وَحَاوَلُوا قَتْلَهُ، فَبِسَبَبِ جَمِيعِ مَا اقْتَرَفُوهُ مِنْ ذُنُوبٍ وَمَعَاصٍ جَعَلَ اللهُ قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً، فَلا يَتَّعِظُونَ بِمَوْعِظَةٍ لِغِلْظَةِ قُلُوبِهِمْ وَقَسْوَتِها، وَجَعَلَ أَفْهَامَهُمْ فَاسِدَةً فَسَاءَتْ تَصَرُّفَاتُهُمْ فِي آيَاتِ اللهِ، فَأَخَذُوا فِي تَحْرِيفِها وَتَأوِيلِها عَلَى غَيْرِ مَا أنْزِلَتْ لَهُ، وَحَمَلُوهَا عَلَى غَيْرِ المُرَادِ مِنْهَا (يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ) وَتَرَكُوا العَمَلَ بِهَا رَغْبَةً عَنْهَا (نَسُوْا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ)، وَلا تَزَالُ تَكْتَشِفُ مِنْ أكْثَرِهِمْ غَدْراً وَمَكْراً بِكَ وَبِأصْحَابِكَ (تَطَّلِعَ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ)، فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ، وَهذا هُوَ النَّصْرُ وَالظَّفَرُ، وَفِيهِ تَألُّفٌ لِقُلُوبِهِمْ، لَعَلَّ اللهَ أنْ يَهْدِيَهُمْ إلَى الحَقِّ، إنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ.
(وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى- وَنَسُوا حَظّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ- هُوَ أنَّهُمْ نَسُوا الكِتَابَ الذِي أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ).
يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ- يُؤَوِّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ مَا أَنْزَلَ بِهِ وَيَحْمِلُونَهُ عَلَى غَيْرِ المَعْنَى المَقْصُودِ بِهِ.
تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ- تَكْشِفُ مِنْهُمْ عَيْنَ غَدْرٍ وَخِيَانَةٍ.
نَسُوا حَظّاً- تَرَكُوا نَصِيباً وَاقِراً.


{وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14)}
{نصارى} {مِيثَاقَهُمْ} {القيامة}
(14)- وَكَذَلِكَ أخَذَ اللهُ تَعَالَى المِيثَاقَ مِنَ النَّصَارَى عَلَى الثَّبَاتِ عَلَى طَاعَتِهِ، وَالقِيَامِ بِمَا فَرَضَهُ عَلَيْهِمْ، وَاتِّبَاعِ رُسُلِهِ، وَالتَّصْدِيقِ بِهِمْ، فَسَلَكُوا فِي مِيثَاقِ اللهِ طَرِيقَ اليَهُودِ، فَبَدَّلُوا دِينَهُمْ، وَنَقَضُوا المِيثَاقَ الذِي أَخَذَهُ اللهُ عَلَيْهِمْ، وَنَسُوا حَظّاً كَبيراً مِنْ كِتابِهِمْ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أنَّ المَسِيحَ عَلَيهِ السَّلامُ لَمْ يَكْتُبْ مَا ذَكَّرَهُمْ بِهِ مِنَ المَواعِظِ، وَتَوحِيدِ اللهِ وَتَنْزِيهِهِ، وَلا طُرُقَ الإِرْشَادِ إلَى عِبَادَةِ اللهِ، وَكَانَ الذِينَ اتَّبَعُوهُ مِنَ العَامَّةِ (الحَوَارِيُّونَ كَانُوا مِنَ الصَّيَّادِينَ)، وَاشْتَدَّ اليَهُودُ فِي مُطَارَدَتِهِمْ فَتَفَرَّقُوا، وَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَاتٌ ذَاتِ قُوَّةٍ وَنُفُوذٍ وَعِلْمٍ تُدَوِّنُ مَا حَفِظُوهُ مِنَ الإِنْجِيلِ. وَالإِنْجِيلُ لَمْ يُكْتَبْ إلا بَعْدَ ثَلاثَةِ قُرُونٍ عِنْدَمَا دَخَلَ قُسْطَنْطِينُ فِي النَّصْرَانِيَّةِ، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَاً فِي تَفَرُّقِهِمْ وَتَعَادِيهِمْ، وَاخْتِلافِهِمْ شِيَعاً وَطَوَائِفَ، كُلُّ فِئَةٍ تُكَفِّرُ الأخْرَى وَتُعَادِيها.
وَيَقُولُ تَعَالَى: إنَّهُ أَلْقَى بَيْنَهُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ حَتَّى قِيامِ السَّاعَةِ.
وَيَوْمِ القِيَامَةِ يُنْبِئُهُمُ اللهُ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فِي الدُّنْيَا، وَبِمَا اقْتَرَفُوهُ مِنَ الكَذِبِ عَلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَبِمَا نَسَبُوا إِلَيهِ مِنْ أنَّ لَهُ صَاحِبَةً وَوَلَداً سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
فَأغْرَيْنَا- هَيَّجْنَا وَحَرَّشْنَا.


{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15)}
{يَا أَهْلَ الكتاب} {الكتاب} {وَيَعْفُواْ} {كِتَابٌ}
(15)- يَا أَهْلَ الكِتَابِ إنَّا أرْسَلْنَا مُحَمَّداً رَسُولَ اللهِ، وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ كَثِيراً مِنَ الأَحْكَامِ التي أنْزَلَهَا اللهُ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ، وَكُنْتُمْ تُخْفُونَهَا (كَالرَّجْمِ لِلزَّانِي المُحْصَنِ، وَكَصِفَاتِ مُحَمَّدِ، وَالبشَارَةِ بِهِ التِي حَرَّفْتُمُوهَا وَحَمَلْتُمُوهَا عَلَى مَعَانٍ أخْرَى، وَمِثْلِ الأحْكَامِ التِي أخْفَيْتُمُوهَا وَنَسِيتُمُوهَا كَنِسْيَانِ اليَهُودِ مَا جَاءَ فِي التَّورَاةِ مِنْ أخْبَارِ الحِسَابِ وَالجَزَاءِ فِي الآخِرَةِ، وَقَدْ أظْهَرَ الرَّسُولُ لَهُمْ كَلَّ ذّلِكَ) وَمَعَ هَذا فَقَدْ كَانَ الرَّسُولُ الكَرِيمُ يَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا كَانُوا يُحْفُونَهُ، وَلا يُظْهِرُ الكَثِيرَ مِمَّا كَانُوا يِكْتُمُونَهُ.
ثُمَّ يَقُولُ تَعَالَى مُخَاطِباً أَهْلَ الكِتَابِ: إِنَّهُمْ قَدْ جَاءَهُمْ نُورٌ مِنَ اللهِ وَكِتَابٍ مُبِينٌ، فَالنُّورُ هُوَ النَّبِيُّ الذِي لَوْلا مَا جَاءَ بِهِ مِنَ الهُدَى وَالقُرْآنِ، لَمَا عَرَفُوا الدِّينَ الحَقَّ، وَلا مَا طَرَأَ عَلَى التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ مِنْ تَبْدِيلٍ وَتَحْرِيفٍ، وَالكِتَابُ هُوَ القُرآنُ.
نُورٌ- هُوَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8